الأردن بعد مصـر
صحف عبرية
يبدو أن أهم تطور اقليمي منذ وقعت الثورة الاسلامية في ايران والسلام الاسرائيلي المصري في 1979، يعبر عن كابوس القادة والمخططين ورجال الاستخبارات في اسرائيل ايضا. في حين ينظر الكثيرون في دول اخرى في برود أعصاب الى ما يبدو انه امكان الابعاد القريب لسلطة سلبت مواطنيها حقوقهم الأساسية، فان وجهة النظر الاسرائيلية تختلف تمام الاختلاف.
سيكون لانهيار النظام القديم في القاهرة اذا حدث، تأثير عظيم، أكثره سلبي، في وضع اسرائيل الاقليمي. وقد يُعرض في الامد البعيد تسويتي السلام مع مصر والاردن للخطر وهما أكبر كنوز اسرائيل الاستراتيجية بعد تأييد الولايات المتحدة. بل ان هذا الامر قد يوجب تغييرات في الجيش الاسرائيلي ويثقل على الجهاز الاقتصادي.
لم تتنبأ الاستخبارات الغربية عامة والاسرائيلية خاصة سلفا بقوة التغيير (يبدو ان التعريف النهائي 'ثورة' سيضطر الى الانتظار قليلا). واخطأت مثلهم ايضا الكثرة المطلقة من المحللين في وسائل الاعلام، والخبراء الاكاديميون. في الحقيقة ان سنة 2011 قد وصفت في ألواح عرض 'أمان' بأنها سنة تغييرات في الحكم ممكنة مصحوبة بعلامات سؤال كثيرة، في مصر والسعودية، لكن محاولة الثورة الشعبية هذه لم يتم التنبؤ بها. والى ذلك، قال رئيس 'أمان' الجديد اللواء افيف كوخافي لاعضاء الكنيست في اول حضور له عند لجنة الخارجية والامن، في يوم الثلاثاء الاخير، انه 'لا يوجد الآن خوف على استقرار الحكم في مصر. فالاخوان المسلمون ليسوا منظمين بقدر كاف لتولي السلطة ولا ينجحون في توحيد أنفسهم من اجل اجراء ذي أهمية'.
اذا أُسقط نظام مبارك فسيتضرر في غضون زمن قصير التنسيق الأمني الصامت بين اسرائيل ومصر، وقد تتحسن علاقات القاهرة بحكومة حماس في قطاع غزة، ويتم المس بمكانة القوة المتعددة الجنسيات في سيناء وترفض مصر التمكين من حركة سفن الصواريخ الاسرائيلية في قناة السويس، التي استُغلت في السنتين الاخيرتين، بحسب تقارير في وسائل الاعلام الاجنبية، لمكافحة تهريبات السلاح من السودان الى غزة. وفي أمد أبعد قد يحدث برود حقيقي للسلام البارد أصلا مع اسرائيل.
هذا الأمر سيوجب على الجيش الاسرائيلي تنظيم نفسه من جديد. فالجيش الاسرائيلي منذ أكثر من عشرين سنة لا يشمل التهديد المصري في خطط رده. فقد مكّن السلام مع القاهرة في العقود الاخيرة من اقتطاع تدريجي لمقادير القوات العسكرية، ومن خفض سن الاعفاء من الخدمة الاحتياطية وصرف عظيم للموارد الى أهداف اقتصادية واجتماعية. وانحصرت تدريبات هيئة القيادة العامة في مجابهة حزب الله وحماس مع سورية في الأكثر. ولم يستعد أحد في جدية لسيناريو دخول فرقة مصرية الى سيناء مثلا.
اذا سقط نظام الحكم في مصر في نهاية الامر، وهو امكان كان يبدو غير متصور قبل يومين أو ثلاثة فقط، فان أحداث الشغب قد تنتقل الى الاردن ايضا وتُعرض نظام الحكم الهاشمي للخطر. آنئذ سيسود أطولَ حدود للسلام لاسرائيل واقع ٌ جديد تماما.
هآرتس 31/1/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق