ألبيان الأخير للأمة العربية المظلومة من المحيط إلى الخليج
متى تستوفي نهضة العـرب ألمعاصرة شروط النصر؟
نعتقد بأن أية نهضة حقيقية مُباركة لا يُمكن أن تستوفي شروط النصر لتُحقق الحُرية و الكرامة و العيش السعيد ما لم تستجمع في حركتها ثلاث شروط هي ؛ القيادة الربانية و الفكر الصحيح و النخبة الواعية التي ترتبط بجماهير الأمة من جهة و بالقيادة من جهة أخرى!
هذه الشروط ألثلاث لم تستوفي حقها في أوساط الأمة العربية, لذلك لا غرابة إنْ إسْتَمرّت عليها المعاناة و المحن و الدكتاتوريات بألوان و مقاسات متنوعة بين الحين و الآخر, حيث لم يعد من الصعب كثيراً على مطابخ البيت الأبيض و الدوائر المخابراتية العالمية ألأتيان بالبديل المناسب حال الطلب, بتمرير خططها عبر لوبياتها و أحزابها الوضعية التي لا تريد سوى الحكم لأنهُ يستبطن و يضمن كل الشهوات لقادتها المتعجرفين؛ كنسخ مستوردة من التجربة الفرنسية و الأنكليزية ألتي كانت وليدة التأريخ الأوربي - الغربي بسبب تطورات الأوضاع و إنحراف قساوسة الدين المسيحي ألمنحرف أساساً, لذلك إنقطع حبل الغرب المرتبط بالسماء ليتلاعب بهم أهل الأرض من الاقطاعين ثم البرجوازيين ثم الرأسماليين بعد أنْ إستخدموا الديمقراطية كوسيلة لأنتخاب طبقة التكنوقراط التي تنحدر عادة ما من العوائل الغنية أو ترتبط بأصحاب المصالح و الشركات الكبرى, ليكون النظام الديمقراطي سلاح ذو حدين بِأيدهم؛ الحدّ الأول هو : إسكات الجماهير التي إنتخبت التكنوقراطيين المدعومين مالياً و علمياً و أعلامياً من طبقة الأغنياء الذين يُسيطرون على مفاتيح الأنتاج و الأقتصاد, و بالتالي تكميم أفواه الجماهير في حالة قيام النخبة المتسلطة بسنّ أو تشريع قوانيين لا تأخذ بنظر الأعتبار عادة ما سوى مصلحة الاغنياء بالدرجة الأولى!
ألحدّ الثاني من سيف الديمقراطية : يكون مسلطاً على أي صوت أو حركة تظهر هنا أو هناك قد تطالب بالأصلاحات و العدالة و الحقوق, و بما أنّ الأستجابة لهم مُكْلِفة من قبل النظام الديمقراطي و لا يُمكن إعمالها بسهوله كونها تعني إفراغ جيوب السارقين و أصحاب البنوك الكبرى! و هذا لا يروق بالطبع لهم - من هنا يأتي دور الحد آلآخر من السيف أ لا و هو رجم تلك المجموعات المعترضة و التعدي عليها كون الذين إنتخبوا المشرعين في الحكم هم عامة الناس عبر الأنتخابات "الحرة" التي أوصلت طبقة التكنوقراطيين للحكم و الذين عادة ما يميلون لمصلحة أولياء نعمهم ألذين دعموهم بالمال و الأعلام و المكاتب!
هنا تكمن آلأشكالية الكبرى و العقدة المعقدة في النظام الغربي ألديمقراطي! ألذي إستطاع بجهود و عرق جبين الطبقة الكادحة بركوب الموج لتبني بها صرح التكنولوجيا و العمارات والناطحات التي تعود فوائدها و ملكياتها إلى مجموعة صغيرة فقط تتحكم بكل الوضع الأقتصادي المحلي و الدولي, و من هنا فأن تلك المظاهر ألمدنية و الفنادق العملاقة و القصور و السيارات الفارهة لا يستلذ و لا يستفيد منها الفقير ألذي بناه بكده و ما يملك لأنها لا تعود لملكيته و لا يملك المال الأضافي للتمتع بذلك حتى ليلة واحدة!
و المُتتبع لهذا النظام ألدكتاتوري الجمعي من قرب يرى كيف أنّ آلكثير من العمال و الموظفين لا يحصلون حتى على عملٍ شريف للأرتزاق منه – تحث ظلّ هذا النظام! و في أفضل الأحوال و بعد عمل مُتواصل يمتدّ لأكثر من ربع قرن لا يحصلون سوى على بيت صغير و سيارة عادية, بالطبع يكون العامل و الموظف حينها قاب قوسين أو أدنى من الموت لأنه يكون عندئذٍ قد إستهلك طاقاته و قواه الجسمية و الروحية!
لذلك لا يُمكن لأمة العرب أو غيرهم أن يُحققوا الكثير من النجاح و التقدم بإنتقالهم من ظل دكتاتورية فردية أو حزبية إلى ظل دكتاتورية جمعية مقننة, كما أنّ ذلك من جهة أخرى لا تدخل في طريق الثورة الألاهية بسلوكهم للمنهج الغربي العقيم الظالم الذي يفتقر إلى القيم و المثل و العدالة و الأخلاق و الأيثار و الصدق؛ حيث لا تناسب الشخصية العربية الاسلامية التي ترفض الذل و العبودية و تسلط ألمستغليين و المستكبرين عليها!
لذا لم يبقى أمامنا لأجل الخلاص إن كنا نحب الله و رسوله و أهل بيته سوى آلأتكاء عليهم و على من يُمثّلهم بحقّ في هذا آلزمن ليكونَوا لنا عوناً و سنداً و نبراساً في طريق الخلاص العملي من الظالمين المتجبرين في الدارين, و التمسك بالفكر الأسلامي الرصين الذي لم يشوبه الدّس و التحريف و البدع والأهواء, وعلى المُثقفين و الباحثين بيان تلك الحقائق للناس بالرجوع إلى أهل الله الذين ثبتوا على الخط الأسلامي الأصيل و رسموا لنا معالم الدولة العادلة كدولة الأمام عليّ ألذي إعتبرته هيئة الأمم المتحدة عام 2002م أفضل حكومة عادلة في التأريخ الأنساني! و كذلك التمسك بطريق النهضة و الكفاح كالأمام الحسين بن علي (ع) و ليس من باع ضميره للمستكبرين في العالم, و بهذا الخيار السليم فقط يمكن للنخب العربية المجاهدة أنْ تقوم بدورها الرائد كجسرٍ أمين بين القيادة الربانية الحقيقة و بين الأمة من الجهة الأخرى ليتحقق النصر بإذن الله الذي قال؛ و هو أصدق القائلين : { ... إنْ تنصروا الله ينصركم و يُثبّت أقدامكم } ( محمد / 7).
و بما أن الوضــع العربي قاطبةً يفتقــر إلى العـاملَيْن الأوّلين - أيّ ألقيادة الربانية الصــادقة الشــجاعة و الفكر "ألآيدلوجيا" ألصحيحة ألغير المشوهة - لذا نرى إستمرارها في مواجهة المحن حتى و أنْ إستطاعوا القضاء على الحكومات العربية الحالية و هزموا من تبقى من الحكام العرب كآل مبارك و سعود و آل نهيان و حيان و علان, و قد بيّنا ذلك في رسالة سبقت الأحداث في تونس إلى الدكتور الغنوشي – أمين حركة النهضة التونسية - و آلمفكرين العرب من المصريين و غيرهم, و وضّحنا لهم الأمر و ما يجب أن يكونوا عليه كما أشرنا آنفاً, و بغير هذا الخيار فأن الثورة العربية القائمة ليس فقط في تونس و مصر بل في كلّ آلأمة العربية من المحيط إلى الخليج سوف لن يُكتب لها النصر و النجاح ما لم يَسْتَيقنِ العرب و مُفكريهم مُقوّمات النصر و النجاح التي عرضناها! خصوصاً تمسّكها بالمبدأ آلصالح الذي يُحدّد لها أهدافها و غاياتها و يضع لها مثلها العليا, و يرسم إتجاهها في الحياة فتسير في ضوئه واثقة من نيلها لإحدى الحُسْنيين ؛ ألنصر أو الشهادة.
على المفكرين العرب أنْ يُبصروا أسباب نجاح الثورة الأسلامية المعاصرة في إيران كتجربة و كدرس عمليّ مُبين لكل من ألقى السمع و هو شهيد, حيث إكتنفت تلك النهضة العظيمة ألمقومات الثلاثة بأروع صورة, و عند تجسيدها من قِبَل الشعب الذي إلتصق بقيادته الربانيّة .. سقط الشاه و إستسلم أمام الثائرين أقوى خامس جيش في العالم! و سقطت المؤآمرات التي اعقبت نجاح الثورة واحداً تلو الآخر .. حتى يومنا هذا بحيث عجزت قوى الأستكبار العالمي ألنيل منها كثيراً رغم الحروب و الحصار و الايغال في الأذى!
لقد حان الوقت لكي يتعلم العرب هذا الدّرس الألهي الكبير ألذي تَجَسّدَ فيه كلّ معاني العشق و الوفاء للأمام الحسين ألشهيد و لآل بيت الرّسول المظلومين عليهم السلام!
أ لا يكفي العرب ما جرى عليهم من الظلم و الأسى على مدى أربعة عشر قرناً ؟
(قَد جَاءَكُم منَ الله نُور وكتاب مُبِين يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة/ ١٦) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العلي العظيم
ألباحث ألدكتور :
عزيز الخزرجي
Trusting you with Allah
Imam Hussain Youth Foundation; where youth in focus
http://www.imamhussainyouth.org
Global Shia TV Project
http://www.globalshiatv.tv
http://www.youtube.com/user/AbdulzahraAlameri (YouTube Channel)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق