الاثنين، ٥ أيلول ٢٠٢٢

نبقى نخمن ونحسب بأساليب الاستقراء. واراؤنا تقبل الصحة والخطا.

احسنتم ورحم الله والديكم. ليس افضل من النقاش الهاديء الموضوعي. 
وكل الآراء محترمة. 
نبقى نخمن ونحسب بأساليب الاستقراء. واراؤنا تقبل الصحة والخطا. 

كما قلتُ سابقا. تفسير كل مفاصل الموضوع تحت نظرية واحدة افضل من تفتيت الموضوع بنظريات متعددة، متى ما كان ذلك ممكنا.

سادرج ما اراه، برأيي المتواضع، واقدم استدلالاتي. 
طبعا ليس خافيا اني أعلاه قصدت بالطرف الاول إيران وخط المقاومة. وقصدت بالطرف الثاني امريكا وكل ذيولها. 

(١) المنطقة وصلت إلى نقاط تحول *كبرى*. فحرب اوكرانيا والملف النووي الايراني وتحديات حزب الله للكيان الإسرائيلي بخصوص حقل كاريش، وأمور أخرى في سوريا واليمن وغزة، كل هذه الأمور وصلت إلى منعطفات حاسمة يحس معها محور المقاومة أن له اليد الاعلى (ولا اقول العليا) وحان الاوان للتحرك الى الامام. 
(٢) العراق مهم واستراتيجي لكل من ايران وامريكا، ولكنه أهم بمراحل لإيران منه لامريكا. وبالتالي فإن إيران مستعدة لفعل اكثر من امريكا من أجل استقرار العراق. 
من جهة أخرى فإن أمريكا لا تريد المواجهة مع إيران في المنطقة خوفا على قواتها في طول المنطقة وعرضها، وهي تعرف قوة إيران وخط المقاومة. وكذلك خوفا على الكيان الإسرائيلي والذي هو سبب وجودها في المنطقة اصلا. يضاف لذلك مصادر الطاقة وما قد تتعرض له إذا ما اندلعت حرب في الخليح، وهم مقدمون على شتاء. 
(٣) الأمور في العراق تنزلق لصالح امريكا منذ الانتخابات الاخيرة في العراق، بل ومنذ مظاهرات تشرين. إيران احست ان أمريكا خرقت "قواعد الاشتباك" في العراق وصار لزاما عليها التحرك. 
(٤) اول أمر كان على إيران وخط المقاومة التعاطي معه، هو الخطة الخبيثة لاشعال اقتتال شيعي-شيعي *الهدف منه تفتيت الحشد الشعبي*، الضامن الوحيد لامن العراق. ومع الأسف، فالتيار كان أهم أداة في هذه الفتنة من حيث يدري أو لا يدري. لذلك لزم تقليم أظافره. وقد حصل ذلك كالاتي:
(أ) إجباره على سحب نوابه من الپرلمان (لا اعرف بالضبط ورقة الضغط التي استُعملت). ولكن القضية واضحة. *السيد مقتدى ما كان ليسحب نوابه بمحض إرادته*. فبسببهم صار كل سياسيّي العراق يُقبّلون عباءته ويتزلفون ويتملقون له. 
الأمر اللافت هو السرعة التي تم فيها قبول الاستقالات وتعيين بدلاء عنهم. *وهنا ايقنتُ أن مستقبله السياسي قد انتهى*. فتجرؤ شركاء الامس عليه يعني أن ورقته قد احترقت. 
(ب) السيد مقتدى أدرك ان الحركة ايرانية، فراح يحاول تسويق نفسه لامريكا على أمل أن تشتريه. فقام باستعراض قوته وحجمه، فقد أخرج المظاهرات واقتحم واحتل ونال من الحشد ولكن لم يشتره احد. *فامريكا تدرك أنه، بعد القرار الإيراني الغير معلن، لا جدوى من السيد مقتدى ولا نفع*. 
(ج) أمام فشل السيد مقتدى في تسويق نفسه، لجأ إلى الخطوة التصعيدية التالية وهي الصدام المسلح على أمل أن يتم استدراج الحشد. وواقعا وبناءا على استنتاجاتي اعلاه، فلم اكن اتوقع توسع القتال او استمراره، اذ الامر مسيطر عليه. الا اني لم اكن اعرف بالضبط كيف سيتم احتواء الموقف.
وهنا، قامت نفس الجهة (*إذ لا داعي لافتراض جهة أخرى*)، وأقصد بها ايران، بتسديد الضربة القاضية لمقتدى بحيث لا تنهيه بشخصه فقط، ولكن تنهي تياره واسطورته بالكامل. وهنا تم ادخال السيد الحائري الذي فعل *ما يفعله المراجع، حيث كان صريحا واضحا وشفافا*. وانتقد ابناء الصدرَين وحمّلهم مسؤولية الدماء وبشكل علني ونشر الكلام على موقعه. طبعا الى هنا، وما كان مقتدى ليرتدع، ولكن تم استعمال نفس اوراق الضغط السابقة عليه (او غيرها) فخرج وأعلن الطاعة للمرجعية وأمر بالانسحاب وانهاء كل شيء وحلَّ التيار كما هو معروف اليوم. فبيان السيد الحائري كان العذر الذي حفظ للسيد مقتدى بعض ماء الوجه. 

وهكذا اُسدل الستار على واحد من أخطر التنظيمات داخل عراق ما بعد السقوط، والذي بقي فترة طويلة قنبلة موقوتة وسكينة إضافية في خاصرة خط المقاومة. 

لهذا قلتُ ان القضية مسيطر عليه ومخططة بشكل متكامل ويتم تطبيقها بشكل منهجي يأخذ بنظر الاعتبار الوضع العراقي الداخلي. ومن غير الخافي ان إيران اقدر واكفا من امريكا في فهم الداخل العراقي والتعاطي معه. اما امريكا فلا تمتلك إلا القوة والعنف. 

تتمات:
(١) *السيد السيستاني حفظه الله*: لم يكن ليتدخل، فبالرغم من فضله على التيار حين خلصهم من مجزرة محققة على أيدي الأمريكان في حضرة الامام علي (ع) أيام اياد علاوي، بالرغم من هذا فإن مقتدى لا يطيعه. والسيد السيستاني لا يمتلك الأداة لقمعه. *واصدار فتوى ضده سيصب بصالح الاقتتال الشيعي الشيعي. لذلك كان السكوت هو التصرف السليم*. خصوصا أنه يعلم بان إدارة الأمر بايادي أمينة. 
لهذا استبعدتُ أن السيد السيستاني قرّع وهدد السيد مقتدى بالخفاء. إذ ان الذي فعل ذلك هو السيد الحائري وبالعلن، وبالتالي لا حاجة للتخمين.
(٢) *السيد الحائري*: تقاعده من المرجعية *أمر غير مسبوق*. فلم يفعله السادة الحكيم ولا الخوئي ولا السبزواري ولا فضل الله ولا السيستاني ولا اي احد اخر منهم (رحم المتوفين منهم وحفظ الاحياء). على كلٍ، فلهذا الأمر كلام ولكن ليس هنا محله. 
(٣) *مصير التيار*: من المؤكد ان تيار كبير ومسلح وله هيكلية من نوع ما، سيكون مطمعا لجهات معادية للعراق لاستغلاله. إلا انه، ونظرا للدرجة العالية في التخطيط والكفاءة في التنفيذ، فإن هذا الأمر لابد أن يكون مأخوذا بنظر الاعتبار. *ويكفي مرور أيام دون حصول أي شيء من قبيل مظاهرات أو عصيان مدني، يرجح أنه لن يحصل شيئا كبير أو جدي*، أن شاء الله. 
(٤) *اعداء العراق في الداخل من بعثيين وما شابه* : هؤلاء قد يتوحدون ويحاولون اختطاف واستغلال التيار الصدري المنحل، ولكنهم اضعف من تحقيق أي شيء يذكر. فسيدهم لا يريد الانغماس في وحل العراق اكثر، وبالتالي فان حظوظهم ضعيفة. 
(٥) *الأكراد والسنة*: يجلسون الان على التل يراقبون من بعد ويعلمون ان أية حركة خاطئة ستجعل مصيرهم اسوء من مصير التيار. 

وختاما اقول، ان فهم القادم من الأحداث يحتاج لنظرة مختلفة عما تعودناه في الـ ٢٠ سنة الماضية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق