السؤال:
هل أن المراد بالأسباط في قوله تعالى( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ۚ وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان ۚ وآتينا داوود زبورا) . هم أبناء يعقوب عليه السلام لصلبه ؟، أي: المباشرين لقوله تعالى: (أم تقولون إنّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله)، فهل يجب تقييد الأسباط بكونهم من ذرية أبناء يعقوب عليه السلام لكونهم قبل التوراة وقبل موسى عليه السلام؟
ام أنهم كالقبائل في العرب. والأسباط من بني إسرائيل : كالقبائل من العرب من بني إسماعيل ، والشعوب من العجم .لقوله تعالى: وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما [الأعراف: 160]
وكان في الأسباط أنبياء ، ولذلك قال: ( وما أنزل إليهم ) .
*الجواب* :
الاسباط هم انبياء أو بمنزلة الانبياء فيوحى إليهم وهم معصومون لقول الرسول صلى الله عليه وآله (الحسين سبط من الاسباط).
والذي يدلُّ عليه القراَنُ واللغةُ والاعتبار : أن إخوةَ يوسف ليسوا بأنبياء، وليس في القرآن ولا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله - بل ولا عن اهل بيته خبرٌ بأن الله تعالى قد نبَّأهم ، بل ورد عن الامام الصادق عليه السلام :عن نشيط عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته أكان ولد يعقوب أنبياء؟فقال: لا ولا بررة أتقياء، كيف يكون كذلك وهم يقولون ليعقوب (تالله انك لفي ضلالك القديم).
والصواب أنه ليس المراد بهم أولادُه لصلبه ، بل ذُرِّيّتُه، كما يقال فيهم أيضا "بنو إسرائيل"، وكان في ذريته الأنبياء، فالأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل.كما قال موسى لهم: اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين [المائدة: 20]
ومن قال: الأسباط أولاد يعقوب، لم يُرِد أنهم أولادُه لصلبه، بل أرادَ ذريتَه، كما يقال: بنو إسرائيل وبنو آدم.
فتخصيصُ الآية ببنيه لصلبه غلط، لا يدلُّ عليه اللفظُ ولا المعنى، ومن ادّعاه فقط أخطأ خطأً بيِّنًا.
والصواب أيضًا: أن كونهم أسباطًا إنما سُمُّوا به من عهد موسى ، للآية المتقدمة، ومن حينئذٍ كانت فيهم النبوة، فإنه لا يُعرَف أنه كان فيهم نبيّ قبلَ موسى إلا يوسف.
ومما يؤيِّد هذا أنّ الله تعالى لما ذكر الأنبياء من ذرية إبراهيم قال: ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ) الآيات، فذكر يوسف ومن معه، ولم يذكر الأسباط، فلو كان إخوةُ يوسف نُبِّئوا كما نبئَ يوسف ، لذُكِروا معه.
وأيضًا : فإن الله يذكر عن الأنبياء من المحامد والثناء ما يناسب النبوة، وهو تعالى لما قصَّ قصَّةَ يوسف ، وما فعلوا معه ؛ ذكر اعترافهم بالخطيئة وطلبهم الاستغفار من أبيهم، ولم يذكر من فضلهم ما يناسب النبوة، ولا شيئا من خصائص الأنبياء، بل ولا ذكر عنهم توبةً باهرةً ..، بل إنما قال عنهم الاعتراف وطلب الاستغفار ، اما من يقول انهم قد قبل الله توبتهم لقول نبي الله يوسف عليه السلام قوله تعالى: " قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين " التثريب التوبيخ والمبالغة في اللوم وتعديد الذنوب وانما قيد نفى التثريب باليوم ليدل على مكانة صفحه واغماضه عن الانتقام منهم والظرف هذا الظرف هو عزيز مصر اوتى النبوة والحكم وعلم الأحاديث ومعه اخوه وهم أذلاء بين يديه معترفون بالخطيئة وان الله آثره عليهم بالرغم من قولهم أول يوم " ليوسف واخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ان ابانا لفى ضلال مبين ".
ثم دعا لهم واستغفر بقوله " يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين " وهذا دعاء واستغفار منه لاخوته الذين ظلموه جميعا وليس من المعلوم ان الله قد غفر ذنبهم فلا دليل عليه فلو كان كذلك لذكره الله كما ذكر لادم وحواء عندما
قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين فكان الجواب في قوله: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ) . فقد يعترض اخر فيقول ان دعاء الانبياء مستجاب . فنقول ليس بالضرورة ان يكون مستجابا مالم تتوفر جميع الشرائط بالمستغفر له .
يقول الله تعالى لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَاله: سواء يا محمد ان هؤلاء المنافقين الذين قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله ( أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ ) ذنوبهم ( أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) يقول: لن يصفح الله لهم عن ذنوبهم، بل يعاقبهم عليها( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) وفي اية اخرى
(استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) . ولا ذكر سبحانه عن أحدٍ من ابناء الأنبياء أنه فعلَ مثلَ هذه الأمورِ العظيمة مثل اولاد يعقوب يشاهدون اباهم ليلا ونهارا طيلة اربعين عاما وهو يتالم على ابنه يوسف دون أن يرف لهم جفن ويعترفوا لابيهم عن ذنبهم ، ولم يكتفوا بفعل جريمتهم التي ارتكبوها بحق نبي الله يوسف فقد اتهموا اخاه بنيامين انه سارق
يَقُولُ تَعَالَى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77] يَعْنُونَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُوَ يُوسُفُ: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ، فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ، قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا، وَاللَّه أعلم بما تصفون )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق