شبهات وردود
الشبهة :
هنالك شبهة لدى البعض في حديث الرسول صلى الله عليه وآله بقوله « فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها» فكيف تكون غاضبة على بعضهم وقد رضي الله عنهم جميعا في بيعة الرضوان وفيهم فلان وفلان ، فيكون الحديث تناقضا مع قوله تعالى: (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ))
الرد
سبق وأن أشرنا في المقال السابق أن هناك فرق بين الذين آمنوا وبين المؤمنين في الخطاب القرآني وان المؤمنين هم أعلى درجة من الذين آمنوا
وهذا دال على أنّ الله سبحانه راض عن المؤمنين في بيعة الرضوان, ولم يقل سبحانه أنّه راض عن جميع المبايعين, أو أنّه راض عن الذين بايعوا, هكذا بشكل مطلق يستفاد منه العموم, وإنّما قيّد سبحانه رضاه بالمؤمنين فقط, وعندها علينا احراز إيمان الشخص المراد شموله بهذه الآية أولاً حتى نقول بعد ذلك أنّه داخل تحت عموم آية الرضوان وأنّه حقّاً من الّذين رضي الله عنه, وإلاّ - أي عند الشكّ في الموضوع (وهو الشخص المراد تعديله بهذه الآية) - لا يصحّ التمسك بالعموم لأنّه من قبيل التمسك بالعامّ , فقولنا مثلاً لمجموعة من الناس وفيهم زيد أكرم هولاء العلماء, لا يصحّ شموله لزيد - إذا لم يكن زيد عالماً - ما لم نحرز أنّه عالم حقّاً, ليصحّ عندئذ إكرامه ودخوله في حكم وجوب الإكرام، وأمّا ادخاله تحت حكم العامّ - أي كونه من العلماء الّذين يجب إكرامهم - مع الشكّ في كونه عالماً، فهذا محلّ منع، ولا يمكن المصير إليه ،وذلك لأنّ حكم العامّ لا يحرز موضوعه بنفسه بل احراز الموضوع بتمامه يجب أن يتم في مرحلة متقدمة عن الحكم ليصدق انطباقه عليه. وعلى أية حال، فقد يقول قائل: لماذا هذا الشك في مصداق الاية، فإنّ الآية كشفت عن إيمان المبايعين، وأنّها دلّت على أنّ كلّ الّذين بايعوا في هذه الواقعة هم من المؤمنين الّذين رضي الله عنهم.
فنقول، فإنّه مخالف لظاهر الآية الكريمة وللنصوص الواردة عن الواقعة, فقد جعل سبحانه في الآية الكريمة بياناً وعلامة - أي للمؤمنين المبايعين تحت الشجرة - تكشف أنّ رضاه سبحانه كان عن بعض المبايعين لا عن جميع المبايعين... فقد قال سبحانه عن الّذين رضي عنهم في البيعة (( فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ))
ونحن نعلم أن البعض منهم لم تنزل عليه السكينة في قصة الغار
( فأنزل الله سكينته عليه ) ولم يقل عليهما
أي على الرسول صلى الله عليه وآله والدليل عليه أن الضمير في قوله تعالى : ( وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) يعود إلى النبي صلى الله عليه وآله قولا واحدا ، فهو الذي أيده ربه بالملائكة ، فيبعد أن يراد بالضمير الذي قبله في كلمة ( عليه ) غير النبي صلى الله عليه وآله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق